الاثنين، 11 نوفمبر 2019

لماذا مظاهراتنا فاشلة


ميكا وايت
الصعوبات التي واجهتها الحركات الاجتماعية الاخيرة في تحقيق تغييرات ايجابية, بالرغم من سرعتها الهائلة و احجامها الاخاذة, هي علامة على أن النشاطية كمجال يجب أن تبدأ بإعادة تقييم براغماتية. كسر الاتفاق الإجباري على أن حركاتنا تفوز بالرغم من أن الامر يبدو اننا نخسر- بأن "احتلوا" و"الحيوات السوداء مهمة" و شارلوتسفيل والتظاهرات الغير معدودة التي تجري حول العالم كل يوم تنتصر بالرغم من انها لم تحقق أهدافها المحددة- ليس سهلا. تحدي العقيدة النشاطية كناشط هو أصعب بكثير من المشاركة في مسيرة في الشارع او مشاركة تويتة احتجاجية. لكن خطر الالتزام بالصمت جدا عظيم. على النشطاء أن يقوموا بشئ لانقاذ التظاهرات من ان تصبح غير ذات اهمية. 

الطرق التي يحتج بها النشطاء اليوم, اونلاين او في الشوارع, هي غير فعالة ولا تنتج التغيير الاجتماعي التحويلي الذي نرغب فيه.    

النتيجة المؤسفة لغياب الرؤية النقدية حول فشل التظاهر هو أن التفسيرات القليلة التي يتم اعطائها هي غير كافية على الإطلاق. على سبيل المثال, السبب المقترح الأكثر شيوعا لتفسير لماذا فشلت حركة "احتلوا" هو أن حركتنا افتقدت المطالب. بالرغم من أنه قد يكون من الحقيقي أن حركة "احتلوا" افتقدت مطلب واحد موحد عبر حوالي 1000 من مخيماتنا حول العالم, هذه النظرية خاطئة لأنها لا تفسر لماذا أن التظاهرات التي كان لديها مطالب مُعبر عنها بوضوح قد فشلت ايضا. تأمل على سبيل المثال في المسيرة العالمية المضادة لحرب العراق في الخامس عشر من فبراير عام 2003. كان ذلك الاحتجاج المتزامن الأكبر في التاريخ البشري.  عشرة ملايين شخص نزلوا الى الشارع حول العالم بمطلب واحد هو "لا للحرب!" وبالرغم من ذلك, بعد شهر واحد, بدأت حرب العراق بالرغم من المعارضة العالمية. الحركة المعادية للحرب تم تدميرها فعليا. 

كان على أي نظرية مقنعة  حول فشر التظاهر أن تنطبق بصورة متساوية على حركة "احتلوا" والمسيرة العالمية المضادة لحرب العراق. لذلك فإن غياب المطالب لا يمكن أن يكون السبب الحقيقي. كلا هنالك شيء أعمق يجري. 

لكي نفهم لماذا تفشل احتجاجتنا علينا ان ننظر الى الرواية التي تحمس أدائنا كناشطين. ما هو السيناريو الذي يتبعه المحتجون عندما نغرق الشوارع؟
عندما يحتج المواطنون في حكومات الدول المسماة بالديمقراطية في الشوارع فأنهم يمارسون الخرافة المؤسسة للديمقراطية: الايمان بأن الشعوب تمتلك السيادة المطلقة على حكوماتها. 

هنا لدينا بكلمات بسيطة الخرافة الاساسية التي تحفز كل النشاطية الحديثة: "الحكومات تؤسس من قبل الناس, مُستنبِطة سلطاتها العادلة من موافقة المحكوم" يكتب الثوريون الأمريكيون في إعلان الاستقلال, مبريين تمردهم. أو بتعابير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي تم تبنيه من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948, "يجب ان تكون ارادة الشعب هي أساس سلطة الحكومة." إيماننا الذي لا يتزحزح في هذه العبارات هو أساس أزمتنا داخل النشاطية.

أصبحت التظاهرات هي الوسيلة السائدة التي يعبر بها الناس عن إرادتهم الجمعية. من الواضح هو أنه لو كان من الحقيقي أن سلطة حكوماتنا مستنبطة من ارادة الشعوب و موافقة المحكوم فإن التعبير العلني عن الاستياء الشعبي-التظاهر- كان سيكون ستراتيجية فعالة للتعبير عن سلطة سيادية على حكوماتنا. يفترض النشطاء انه لو حصلنا على عدد كافي من المواطنين في الشوارع فإنه نحن, الشعب, سنمارس بطريقة سحرية سلطة شعبية على مُمثلين مُنتخبين. انها قصة جميلة. لكنها لم تعد حقيقية.

الاحتجاج الحديث فاشل لان ارادة الشعب لم تعد أساس سلطة الحكومة. لنبين الأمر بطريقة مثيرة, سلطة الشعب ماتت وكل تظاهرة هي سعي بلا امل لانعاش الجثة. حان الوقت لأن نجرب طريقة اخرى.

عندما يفكر النشطاء بطريقة تحقيق السيادة, فإنه يصبح من الواضح جدا أنه إذا كان من غير الممكن أن نعبر عن إرادتنا من خلال التظاهر العام فإنه هناك مسارين متبقين فقط: يمكننا أن ننتصر من خلال الحرب أو ننتصر من خلال الانتخابات.

احتجاجات الشارع لن تحقق وحدها التغيير الذي نحتاجه. 

سلطة الحكومة تصبح مُستحقة لكل من يغير النظام الحالي سواء عسكريا او انتخابيا. اذا ارادت النشاطية أن تبقى ذات أهمية فانه علينا ان نطبق وسائلنا في التظاهر, وخلق الحراك الاجتماعي, أما لتحقيق الانتصار من خلال الحرب أو لتحقيق الانتصار من خلال الانتخابات.